فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ الْقَوْلُ) وَكَذَا الصِّيَاحُ سم.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ) أَيْ لِلْمُصَنِّفِ تَقْسِيمُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُزْهِقِ سم.
(قَوْلُهُ: تَقْسِيمٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُزْهِقِ عَمِيرَةُ وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلثَّلَاثَةِ أَقْسَامٍ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْمُزْهِقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ ثَلَاثَةٌ) وَجْهُ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَانِيَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْخَطَأُ وَإِنْ قَصَدَهَا فَإِنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ الْعَمْدُ وَإِلَّا فَشِبْهُ الْعَمْدِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ هُوَ مَنْطُوقُ الْخَبَرِ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا آخَرَ يُخَالِفُ مَنْطُوقَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ حَضَرْت مَجْلِسَ الْمُزَنِيّ يَوْمًا فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْعِرَاقِ عَنْ شِبْهِ الْعَمْدِ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ وَصْف الْقَتْلَ فِي كِتَابِهِ بِصِفَتَيْنِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّهُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الْمُزَنِيّ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ إلَخْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ» إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَتِيلُ السَّوْطِ إلَخْ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: مَا كَانَ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ مِائَةٌ) خَبَرُ إنَّ ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ عَمْدٌ).
فَائِدَةٌ يُمْكِنُ انْقِسَامُ الْقَتْلِ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَاجِبٍ وَحَرَامٍ وَمَكْرُوهٍ وَمَنْدُوبٍ وَمُبَاحٍ وَالْأَوَّلُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَتُبْ وَالْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يُعْطِ الْجِزْيَةَ وَالثَّانِي قَتْلُ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالثَّالِثُ قَتْلُ الْغَازِي قَرِيبَهُ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَسُبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ وَالرَّابِعُ قَتْلُهُ إذَا سَبَّ أَحَدَهُمَا وَالْخَامِسُ قَتْلُ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَمَا يَأْتِي، انْتَهَى شَرْحُ الْخَطِيبِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي قَتْلِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بِالْمَصْلَحَةِ فَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْقَتْلِ حَيْثُ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَخَطَأٌ) وَهُوَ لَا يُوصَفُ بِحَرَامٍ وَلَا حَلَالٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فِيمَا أَخْطَأَ فِيهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَشِبْهُ عَمْدٍ) وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَالْعَمْدِ ع ش وَشِبْهُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهُمَا وَيَقُولُ أَيْضًا شَبِيهٌ كَمِثْلِ وَمَثَلٍ وَمَثِيلٍ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَهُوَ مِنْ الْعَمْدِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ وَمِنْ الْخَطَأِ كَوْنُهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا ع ش.
(وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ) الْآتِي إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْخَطَأِ لِآيَةِ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} وَشِبْهِ الْعَمْدِ لِلْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَ) عَيْنِ (الشَّخْصِ) يَعْنِي الْإِنْسَانَ إذْ لَوْ قَصَدَ شَخْصًا يَظُنُّهُ نَخْلَةً فَبَانَ إنْسَانًا كَانَ خَطَأً كَمَا يَأْتِي (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) فَقَتَلَهُ هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَإِنْ أُرِيدَ بِقَيْدِ إيجَابِهِ لِلْقَوَدِ زِيدَ فِيهِ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ لِإِخْرَاجِ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ شُبْهَةٍ كَمَنْ أَمَرَهُ قَاضٍ بِقَتْلٍ بَانَ خَطَؤُهُ فِي سَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ كَتَبَيُّنِ رِقِّ شَاهِدٍ بِهِ وَكَمَنْ رَمَى لِمُهْدَرٍ أَوْ غَيْرِ مُكَافِئٍ فَعَصَمَ أَوْ كَافَأَ قَبْلَ إصَابَةٍ وَكَوَكِيلِ قَتْلٍ فَبَانَ انْعِزَالُهُ أَوْ عَفْوُ مُوَكِّلِهِ وَإِيرَادُ هَذِهِ الصُّوَرِ عَلَيْهِ غَفْلَةٌ عَمَّا قَرَرْته وَالظُّلْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ كَأَنْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَغَالِبًا إنْ رَجَعَ لِلْآلَةِ لَمْ يُرِدْ غَرْزَ الْإِبْرَةِ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ عَلَى أَنَّهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي مَقْتَلٍ أَوْ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لِلْفِعْلِ لَمْ يُرِدْ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ سَرَتْ لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ السِّرَايَةِ يَقْتُلُ غَالِبًا فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا.
وَمَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِيمَنْ أَشَارَ لِإِنْسَانٍ بِسِكِّينٍ تَخْوِيفًا لَهُ فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى أَنَّهُ عَمْدٌ مُوجِبٌ لِلْقَوَدِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بِالْآلَةِ قَطْعًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ غَيْرُ عَمْدٍ (جَارِحٍ) بَدَلٌ مِنْ مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُمَا كَتَجْوِيعٍ وَسِحْرٍ وَخِصَاءٍ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَغْلَبُ مَعَ الرَّدِّ بِالثَّانِي عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ قَوْلِهِ لَوْ قَتَلَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ قُتِلَ (أَوْ مُثْقَلٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَضِّ رَأْسِهِ كَذَلِكَ» وَرِعَايَةُ الْمُمَاثَلَةِ وَعَدَمُ إيجَابِهِ شَيْئًا فِيهَا يَرُدَّانِ إنْ زَعْمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ وَدَخَلَ فِي قَوْلِنَا عَيْنَ الشَّخْصِ رَمْيُهُ لِجَمْعٍ بِقَصْدِ إصَابَةِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةٌ وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ فَقَدَ) قَصْدَهُمَا أَوْ (قَصْدَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْفِعْلِ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ (بِأَنْ) تُسْتَعْمَلَ غَالِبًا لِحَصْرِ مَا قَبْلَهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَكَثِيرًا مَا تُسْتَعْمَلُ مِثْلَ كَانَ كَمَا هُنَا (وَقَعَ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْسَانُ كَمَا مَرَّ (فَمَاتَ) وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمَحْذُوفِ أَوْ لِلْمَذْكُورِ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ رَمَى شَجَرَةً) مَثَلًا أَوْ آدَمِيًّا (فَأَصَابَهُ) أَيْ غَيْرَ مَنْ قَصَدَهُ فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَخْصًا ظَنَّهُ شَجَرَةً فَبَانَ إنْسَانًا وَمَاتَ (فَخَطَأٌ) وَهَذَا مِثَالٌ لِفَقْدِ قَصْدِ الشَّخْصِ دُونَ الْفِعْلِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا أَيْضًا عَلَى بُعْدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوُقُوعَ لَمَّا كَانَ مَنْسُوبًا بِالْوَاقِعِ صَدَقَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ لِلثَّلَاثَةِ وَأَنَّهُ قَصَدَهُ وَعَكْسُهُ مُحَالٌ وَتَصْوِيرُهُ بِضَرْبِهِ بِظَهْرِ سَيْفٍ فَأَخْطَأَ لِحَدِّهِ فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ بِالْحَدِّ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْجِنْسُ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا وَبِمَا لَوْ هَدَّدَهُ ظَالِمٌ فَمَاتَ بِهِ فَاَلَّذِي قَصَدَهُ بِهِ الْكَلَامُ وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بِهِ يُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَهْلِكُ عَادَةً.
تَنْبِيهٌ:
سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مِنْ الْخَطَأِ أَنْ يَتَعَمَّدَ رَمْيَ مُهْدَرٍ فَيُعْصَمُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَنْزِيلًا لِطُرُوِّ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ (وَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ أَيْ الْإِنْسَانَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ (بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَيُسَمَّى خَطَأُ عَمْدٍ وَعَمْدُ خَطَأٍ وَخَطَأُ شِبْهِ عَمْدٍ سَوَاءٌ أَقَتَلَ كَثِيرًا أَمْ نَادِرًا كَضَرْبَةٍ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا بِخِلَافِهَا بِنَحْوِ قَلَمٍ أَوْ مَعَ خِفَّتِهَا جِدًّا وَكَثْرَةِ الثِّيَابِ فَهَدَرٌ.
تَنْبِيهٌ:
وَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ مَا يُصَرِّحُ بِاشْتِرَاطِ قَصْدِ عَيْنِ الشَّخْصِ هُنَا أَيْضًا وَهُوَ عَجِيبٌ لِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّ قَصْدَ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمْدِ فَأَوْلَى شِبْهُهُ لَكِنْ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَنْجَنِيقِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ قَصْدُ الْعَيْنِ فَعَمْدٌ وَإِلَّا كَانَ قَصَدَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ الْجَمَاعَةِ فَشِبْهُ عَمْدٍ (وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) خَفِيفَيْنِ لَمْ يُوَالِ وَلَمْ يَكُنْ بِمَقْتَلٍ وَلَا كَانَ الْبَدَنُ نِضْوًا وَلَا اُقْتُرِنَ بِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ صِغَرٍ وَإِلَّا فَعَمْدٌ كَمَا لَوْ خَنَقَهُ فَضَعُفَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ وَكَالتَّوَالِي مَا لَوْ فَرَّقَ وَبَقِيَ أَلَمُ كُلٍّ إلَى مَا بَعْدَهُ نَعَمْ إنْ أُبِيحَ لَهُ أَوَّلُهُ فَقَدْ اخْتَلَطَ شِبْهُ الْعَمْدِ بِهِ فَلَا قَوَدَ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ لَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ تَعْزِيرٌ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ خَطَأً مَعَ صِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْإِقْدَامِ لَهُ أَلْغَى قَصْدَهُ وَلَا عَلَى عَكْسِهِ قَوْلُ شَاهِدَيْنِ رَجَعَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ شَبَهَ عَمْدٍ مَعَ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا؛ لِأَنَّ خَفَاءَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا مَعَ عُذْرِهِمَا بِهِ صَيَّرَهُ غَيْرَ قَاتِلٍ غَالِبًا وَإِذَا تَقَرَّرَتْ الْحُدُودُ الثَّلَاثَةُ.
(فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً) بِبَدَنٍ نَحْوَهُمْ أَوْ نِضْوٍ وَصَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ أَيْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ فِي سَقْيِهِ لَهُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّ غَوْصَهَا مَعَ السُّمِّ يُؤَثِّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُهُ الشُّرْبُ وَلَوْ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ (بِمَقْتَلٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ وَحَلْقٍ وَخَاصِرَةٍ وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ وَعِجَانٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ (فَعَمْدٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَلَمٌ وَلَا وَرَمٌ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِخَطَرِ الْمَحَلِّ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ (وَكَذَا) يَكُونُ عَمْدًا غَرْزُهَا (بِغَيْرِهَا) كَأَلْيَةٍ وَوِرْكٍ (إنْ تَوَرَّمَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ (وَتَأَلَّمَ) تَأَلُّمًا شَدِيدًا دَامَ بِهِ (حَتَّى مَاتَ) لِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ) بِأَنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْأَلَمُ أَوْ اشْتَدَّ ثُمَّ زَالَ (وَمَاتَ فِي الْحَالِ) أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ أَيْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) كَالضَّرْبِ بِسَوْطٍ خَفِيفٍ (وَقِيلَ عَمْدٌ) كَجُرْحٍ صَغِيرٍ وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) مِنْ قَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ إحَالَةً لِلْمَوْتِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ إذْ لَيْسَ مَا لَا وُجُودَ لَهُ أَوْلَى مِمَّا لَهُ وُجُودٌ وَإِنْ خَفَّ (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) فَمَاتَ (فَلَا شَيْءَ بِحَالٍ)؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ وَخَرَجَ بِمَا لَا يُؤْلِمُ مَا لَوْ بَالَغَ فِي إدْخَالِهَا فَإِنَّهُ عَمْدٌ وَإِبَانَةُ فِلْقَةِ لَحْمٍ خَفِيفَةٍ وَسَقْيُ سُمٍّ يَقْتُلُ كَثِيرًا لَا غَالِبًا كَغَرْزِهَا بِغَيْرِ مَقْتَلٍ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: يَعْنِي الْإِنْسَانَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إنْسَانًا وَإِلَّا لَمْ تَخْرُجْ صُورَةُ النَّخْلَةِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَذَلِكَ الْمَحِلِّ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْجِنَايَةُ فَيَدْخُلُ غَرْزُ الْإِبْرَةِ بِمَقْتَلٍ وَالضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ لِنَحْوِ مَرِيضٍ أَوْ صَغِيرٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ: هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ إلَخْ) قَدْ يَلْتَزِمُ أَنَّهُ حَدٌّ لِلْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ قَيْدَيْنِ مَفْهُومَيْنِ مِنْ الْمَبَاحِثِ الْآتِيَةِ فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ لِقَرِينَةٍ وَنَقَلَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ حَدًّا آخَرَ لِلْعَمْدِ ثُمَّ قَالَ وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ بِأَنَّ مَنْ ضَرَبَ كُوعَ شَخْصٍ بِعَصًا فَتَوَرَّمَ وَدَامَ الْأَلَمُ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّا نَعْلَمُ حُصُولَ الْمَوْتِ بِهِ وَلَا قِصَاصَ. اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ مُكَافِئٍ إلَخْ) فِي خُرُوجِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَتْلَهُ ظُلْمٌ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ إنْ أُرِيدَ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ.
(قَوْلُهُ: غَفْلَةٌ) فَإِنْ قُلْت لَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ إلَخْ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ هُوَ تَفْسِيرُ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ فَالْإِيرَادُ صَحِيحٌ (قُلْت) قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِي كُلِّ عَمْدٍ فَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَ أُمُورٍ أُخْرَى لِلْقِصَاصِ نَعَمْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْإِيرَادُ بِاعْتِبَارِ الْمُتَبَادَرِ فَلَا غَفْلَةَ سم.

.فَرْعٌ:

نَقَلَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ حَدًّا آخَرَ لِلْعَمْدِ ثُمَّ قَالَ وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ بِأَنَّ مَنْ ضَرَبَ كُوعَ شَخْصٍ بِعَصًا فَتَوَرَّمَ وَدَامَ الْأَلَمُ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّا نَعْلَمُ حُصُولَ الْمَوْتِ بِهِ وَلَا قِصَاصَ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَغَالِبًا إنْ رَجَعَ لِلْآلَةِ) يُتَأَمَّلُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَ السِّرَايَةِ يَقْتُلُ غَالِبًا) أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ السِّرَايَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْفِعْلِ وَالْمَوْصُوفُ بِغَلَبَةِ الْقَتْلِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْفِعْلَ مَعَ السِّرَايَةِ لَا يُقَالُ فِيهِ يَقْتُلُ غَالِبًا إذْ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ يَسْتَحِيلُ تَخَلُّفُ الْقَتْلِ بَلْ هُوَ مَعَهَا قَاتِلٌ وَلَابُدَّ فَإِنْ أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنْ أُرِيدَ أَنَّ الْفِعْلَ مَعَ السِّرَايَةِ قَاتِلٌ وَلَابُدَّ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا إذَا سَرَى فَإِنَّهُ مَعَ السِّرَايَةِ قَاتِلٌ وَلَابُدَّ مَعَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ مَا يَقْتُلُ دَائِمًا مِنْ أَفْرَادِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُمَا) قَدْ يُسْتَشْكَلُ الْبَدَلِيَّةُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَدَلَ بَعْضٍ فَبَدَلُ الْبَعْضِ يُخَصِّصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ مَعَ عُمُومِ الْحُكْمِ أَوْ بَدَلَ كُلٍّ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ أَوْ الْمُثْقَلَ لَا يُسَاوِي لَفْظَ مَا فِي الْمَعْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِمَا أَخْذًا مِنْ السِّيَاقِ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَلَوْ شَهِدَا بِقِصَاصٍ إلَخْ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ غَيْرُهُمَا وَيُجْعَلُ مِنْ بَدَلِ الْكُلِّ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ مُرَادًا بِأَحَدِهَا الْمَعْنَى الْعَامُّ الشَّامِلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ مُثْقَلٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ.